
من الذي اضاع بلاد الفردوس .
العثمانيون ؛ ام ؛ الصفويون.
العثمانيون ؛ ام ؛ الصفويون.
................
نظرت (عائشة الحرة ) إلى ولدها أبي عبد الله الصغير ، لما سمعا معاً صهيل الخيل فوق الهضبة والتي سميت فيما بعد بـ (هضبة زفرة العربي الاخيرة ) ، نزلت على إثر تنهداتها ، دمع من عيني ولدها .. الأمير المخلوع (أبو عبد الله) ..حيث صار عزاؤه هو البكاء ... حينها .. نظرت إليه أمه ... وقالت له : نعم .. ابكي .. ابكي .. كالنساء ملكا مضاعا .. لم تحافظ عليه كالرجال .. كانت قطرات الدموع هذه هي آخر عهد المسلمين بالأندلس .. وآخر عهد أبي عبد الله نفسه بهذأ البلاد "بلاد الفردوس المفقود"؛.
نظرت (عائشة الحرة ) إلى ولدها أبي عبد الله الصغير ، لما سمعا معاً صهيل الخيل فوق الهضبة والتي سميت فيما بعد بـ (هضبة زفرة العربي الاخيرة ) ، نزلت على إثر تنهداتها ، دمع من عيني ولدها .. الأمير المخلوع (أبو عبد الله) ..حيث صار عزاؤه هو البكاء ... حينها .. نظرت إليه أمه ... وقالت له : نعم .. ابكي .. ابكي .. كالنساء ملكا مضاعا .. لم تحافظ عليه كالرجال .. كانت قطرات الدموع هذه هي آخر عهد المسلمين بالأندلس .. وآخر عهد أبي عبد الله نفسه بهذأ البلاد "بلاد الفردوس المفقود"؛.
القصيدة لأبو البقاء الرُندىّ الأندلسي - رحمه الله يرثي بلاد الاندلس .
لـكل شـيءٍ إذا مـا تـم نقصانُ *** فـلا يُـغرُّ بـطيب العيش إنسانُ
هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ *** مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد ***ولا يـدوم عـلى حـالٍ لها شان
يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ *** اذا نـبت مـشْرفيّاتٌ وخُـرصانُ
ويـنتضي كـلّ سيف للفناء ولوْ *** كـان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ *** وأيـن مـنهم أكـاليلٌ وتيجانُ ؟
وأيـن مـا شـاده شـدَّادُ في إرم *** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأيـن مـا حازه قارون من ذهب ***وأيـن عـادٌ وشـدادٌ وقحطانُ ؟
لـكل شـيءٍ إذا مـا تـم نقصانُ *** فـلا يُـغرُّ بـطيب العيش إنسانُ
هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ *** مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد ***ولا يـدوم عـلى حـالٍ لها شان
يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ *** اذا نـبت مـشْرفيّاتٌ وخُـرصانُ
ويـنتضي كـلّ سيف للفناء ولوْ *** كـان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ *** وأيـن مـنهم أكـاليلٌ وتيجانُ ؟
وأيـن مـا شـاده شـدَّادُ في إرم *** وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأيـن مـا حازه قارون من ذهب ***وأيـن عـادٌ وشـدادٌ وقحطانُ ؟
أتـى عـلى الـكُل أمر لا مَرد له *** حـتى قَـضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصـار ما كان من مُلك ومن مَلِك ***كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الـزّمانُ عـلى (دارا) وقاتِلِه *** وأمَّ كـسـرى فـما آواه إيـوان
وصـار ما كان من مُلك ومن مَلِك ***كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الـزّمانُ عـلى (دارا) وقاتِلِه *** وأمَّ كـسـرى فـما آواه إيـوان
ُ كـأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ *** يـومًا ولا مَـلكَ الـدُنيا سُـليمانُ
فـجائعُ الـدهر أنـواعٌ مُـنوَّعة ***ولـلـزمان مـسرّاتٌ وأحـزان
ُ ولـلحوادث سُـلوان يـسهلها ***ومـا لـما حـلّ بالإسلام سُلوان
ُ دهـى الـجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له *** هـوى لـه أُحـدٌ وانـهدْ ثهلان
ُ أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ *** حـتى خَـلت مـنه أقطارٌ وبُلدانُ
فـاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً) ***وأيـنَ (شـاطبةٌ) أمْ أيـنَ (جَيَّانُ)
وأيـن (قُـرطبة)ٌ دارُ الـعلوم فكم ***مـن عـالمٍ قـد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ *** ونـهرهُا الـعَذبُ فـياضٌ وملآنُ
قـواعدٌ كـنَّ أركانَ الـبلاد فما ***عـسى الـبقاءُ إذا لـم تبقَ أركان
ُ تـبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ *** كـما بـكى لـفراق الإلفِ هيمان
ُ عـلى ديـار مـن الإسلام خالية ***قـد أقـفرت ولـها بالكفر عُمران
ُ حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما ***فـيـهنَّ إلا نـواقيسٌ وصُـلبان
ُ حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ ***حـتى الـمنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يـا غـافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ *** ان كـنت فـي سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
ومـاشيًا مـرحًا يـلهيه مـوطنهُ ***أبـعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تـلك الـمصيبةُ أنـستْ ما تقدمها *** ومـا لـها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يـا راكـبين عتاق الخيلِ ضامرةً ***كـأنها فـي مـجال السبقِ عقبانُ
وحـاملين سـيُوفَ الـهندِ مرهفةُ ***كـأنها فـي ظـلام الـنقع نيرانُ
وراتـعين وراء الـبحر في دعةٍ ***لـهم بـأوطانهم عـزٌّ وسـلطان
ُ أعـندكم نـبأ مـن أهـل أندلسٍ *** فـقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قـتلى وأسـرى فما يهتز إنسان ؟
مـاذا الـتقاُطع في الإسلام بينكمُ *** وأنـتمْ يـا عـبادَ الله إخـوانُ ؟
ألا نـفـوسٌ أبَّـيّاتٌ لـها هـممٌ ***أمـا عـلى الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يـا مـن لـذلةِ قـومٍ بعدَ عزِّهمُ *** أحـال حـالهمْ جـورُ وطُـغيانُ
بـالأمس كـانوا ملوكًا في منازلهم *** والـيومَ هـم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فـلو تـراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عـليهمُ مـن ثـيابِ الـذلِ ألوان
ُ ولـو رأيـتَ بـكاهُم عـندَ بيعهمُ ***لـهالكَ الأمـرُ واستهوتكَ أحزان
ُ يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ حـيلَ بينهما ***كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدان
ُ وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت *** كـأنـما يـاقـوتٌ ومـرجـان
ُ يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً ***والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ
فـجائعُ الـدهر أنـواعٌ مُـنوَّعة ***ولـلـزمان مـسرّاتٌ وأحـزان
ُ ولـلحوادث سُـلوان يـسهلها ***ومـا لـما حـلّ بالإسلام سُلوان
ُ دهـى الـجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له *** هـوى لـه أُحـدٌ وانـهدْ ثهلان
ُ أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ *** حـتى خَـلت مـنه أقطارٌ وبُلدانُ
فـاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً) ***وأيـنَ (شـاطبةٌ) أمْ أيـنَ (جَيَّانُ)
وأيـن (قُـرطبة)ٌ دارُ الـعلوم فكم ***مـن عـالمٍ قـد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ *** ونـهرهُا الـعَذبُ فـياضٌ وملآنُ
قـواعدٌ كـنَّ أركانَ الـبلاد فما ***عـسى الـبقاءُ إذا لـم تبقَ أركان
ُ تـبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ *** كـما بـكى لـفراق الإلفِ هيمان
ُ عـلى ديـار مـن الإسلام خالية ***قـد أقـفرت ولـها بالكفر عُمران
ُ حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما ***فـيـهنَّ إلا نـواقيسٌ وصُـلبان
ُ حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ ***حـتى الـمنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يـا غـافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ *** ان كـنت فـي سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
ومـاشيًا مـرحًا يـلهيه مـوطنهُ ***أبـعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تـلك الـمصيبةُ أنـستْ ما تقدمها *** ومـا لـها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يـا راكـبين عتاق الخيلِ ضامرةً ***كـأنها فـي مـجال السبقِ عقبانُ
وحـاملين سـيُوفَ الـهندِ مرهفةُ ***كـأنها فـي ظـلام الـنقع نيرانُ
وراتـعين وراء الـبحر في دعةٍ ***لـهم بـأوطانهم عـزٌّ وسـلطان
ُ أعـندكم نـبأ مـن أهـل أندلسٍ *** فـقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم *** قـتلى وأسـرى فما يهتز إنسان ؟
مـاذا الـتقاُطع في الإسلام بينكمُ *** وأنـتمْ يـا عـبادَ الله إخـوانُ ؟
ألا نـفـوسٌ أبَّـيّاتٌ لـها هـممٌ ***أمـا عـلى الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يـا مـن لـذلةِ قـومٍ بعدَ عزِّهمُ *** أحـال حـالهمْ جـورُ وطُـغيانُ
بـالأمس كـانوا ملوكًا في منازلهم *** والـيومَ هـم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فـلو تـراهم حيارى لا دليل لهمْ *** عـليهمُ مـن ثـيابِ الـذلِ ألوان
ُ ولـو رأيـتَ بـكاهُم عـندَ بيعهمُ ***لـهالكَ الأمـرُ واستهوتكَ أحزان
ُ يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ حـيلَ بينهما ***كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدان
ُ وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت *** كـأنـما يـاقـوتٌ ومـرجـان
ُ يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً ***والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ
لـمثل هـذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ *** إن كـان فـي القلبِ إسلامٌ
"العثمانيون والأندلس '' الحقائق الغائبة.
أين كان العثمانيون عندما سقطت دولة الإسلام في الأندلس؟! ولماذا لم ينتفضوا لحماية أعظم حضارة إسلامية قامت في أوروبا؟! هل خان العثمانيون إخوانهم الأندلسيين ؟! أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن سقوط الأندلس ودور الخلافة العثمانية تجاهها .
ونحن في هذا المقال نجيب عن هذه الأسئلة ونضع أمامكم الحقائق التي أُخفيت عن عمد لتظهر الدولة العثمانية كدولة خائنة باعت الأندلس وتركتها فريسة في يد النصارى الأندلس والدولة العثمانية، لكي تتضح لنا الأمور جيداً لابد لنا من أن نفهم طبيعة الدولتين وأحوالهما في تلك المرحلة، ففي الوقت الذي كانت دولة بني عثمان تشق طريقها لتعلن عن نفسها وترفع الراية بعدما كادت أن تسقط في أواخر الحكم العباسي مع بدايات القرن الخامس عشر الميلادي كانت دولة الأندلس في الغرب تسارع نحو الانهيار، حيث الصراع على الحكم بين ملوك الطوائف وانتشار الفتن واستعانة بعض ملوك المسلمين بالنصارى ضد إخوانهم، وبدأت ممالك الإسلام تسقط واحدة تلو الأخرى، وبالتالي كان المشهد في العالم الإسلامي على هذا النحو: دولة فتية تبدأ مجدها وتحارب على عدة محاور لإثبات نفسها وتخوض معارك طاحنة ضد أوروبا في الغرب والدولة الصفوية الشيعية في الشرق، ودولة أخرى يأفل نجمها في الأندلس ويتصارع ملوكها وتنهار ممالكها في يد النصارى واحدة تلو الأخرى .
هل بالفعل تخلت الدولة العثمانية عن الأندلس؟
لا زال كتاب ومثقفون أتراك يحاولون إنكار ذلك الاتهامات للدولة العثمانية بأنها تخلت عن الأندلس ولم تتحرك لنجدتها وقد انساق وراءهم جمع كبير من عامة المسلمين للأسف الشديد. والحقيقة أن هذا الكلام محض كذب وافتراء فالدولة العثمانية بذلت الكثير من المحاولات لنجدة الأندلس .
فما أن وصلت الاستغاثات للسلطان محمد الفاتح الذي كان منشغلا بفتح أعظم مدن أوروبا في ذلك الوقت '' القسطنطينية '' حتى هب الفاتح لنجدة الاندلسيين فهجم على إيطاليا وسيطر على مدينة لاترانتوا محاولا الوصول إلى الأندلس، ولكن وقفت أمامه عدة عقبات منعته من استكمال المسير، بايزيد الثاني: بعد الفاتح تولى ابنه بايزيد الحكم وأثناء حكم بايزيد وقعت الكارثة بسقوط الأندلس وتسليم أبوعبدالله الأحمر مفاتيح غرناطة للنصارى سنة ١٤٩٢م وقد توالت صرخات الأندلسيين واستغاثاتهم بالعثمانيين، وعلى الرغم من أن بايازيد الثاني كان مستهلكا في حروب طاحنة مع قوى مختلفة من الأوروبيين والصفويين الشيعة والمماليك إلا أنه لم يكن له أن يرد هذه الاستغاثات فأرسل أسطولا ضخماً بقيادة "كمال رئيس" لضرب سواحل إسبانيا ومحاولة دخول الأندلس. وقد حاول كمال رئيس الوصول إلى غرناطة إلا أن الموانع الأوروبية والخيانات التي حدثت من بعض القوى الإسلامية ورفض المماليك والأسرة الحفصية في تونس تقديم يد العون له كل ذلك وقف عائقا أمام وصول الأسطول العثماني إلى الأندلس وإنقاذها قبل فوات الأوان، سليم الأول : لم تتوقف محاولات العثمانيين لإنقاذ الاندلسيين بل استمرت حتى بعد سقوط الأندلس .
فقد سعى العثمانيون إلى إنقاذ إخوانهم المورسيكيين في الأندلس، فبعد أن تولى سليم الأول الحكم أرسل إلى قائد الأسطول الإسلامي عروج وكلفه بمهمة عرفت في التاريخ بالمهمة المستحيلة وكانت تقوم على مهاجمة سواحل إسبانيا والسيطرة عليها وإنقاذ مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش والعودة بهم إلى الجزائر، وقد استطاع عروج تنفيذ الخطة بنجاح وإنقاذ عشرات الآلاف من المورسيكيين، سليمان القانوني: عندما تولى سليمان العاشر أعظم سلاطين الدولة العثمانية الحكم انتفض هو أيضاً لمحاولة إنقاذ المورسيكيين فجهز جيش قوامه مئتا ألف، وحاول الوصول إلى الأندلس عن طريق فيينا، ولكنه لم يكمل المسير بسبب مهاجمة الصفويين الشيعة لعاصمة الخلافة العثمانية.
كما أرسل سليمان ثمانين سفينة وثمانية آلآف مقاتل من الانكشارية إلى قائد أسطوله "خير الدين بربروسا"، وأمره بمهاجمة الأندلس وإنقاذ المسلمين هناك وقد فتحت الدولة العثمانية أبوابها أمام الأندلسيين الفارين من بلادهم فاستقبل العثمانيون قرابة نصف مليون أندلسي من المسلمين وغيرهم.
هذه كانت إطلالة سريعة عن بعض محاولات العثمانيين لإنقاذ الأندلس، ويبقى السؤال الأخير: لماذا لم تكلل هذه المحاولات بالنجاح ؟! الحقيقة أن الأمر لم يكن بهذه السهولة التي يتخيلها البعض، فالأمر كان شديد التعقيد، وقد تعددت العوامل التي منعت العثمانيين من إنقاذ الأندلس ومن أهم هذه العوامل الطبيعة الجغرافية، حيث المسافة كبيرة جدا بين غرناطة والقسطنطينية، وهذا جعل وصول الجيش العثماني إلى الأندلس وعبوره كافة هذه الحواجز أمرا يشبه المستحيل، إضافة إلى التحالف الصليبي الأوروبي ضد العثمانيين وإغلاق الإسبان لمضيق جبل طارق. العوامل العسكرية والسياسية: لم تتوقف الدولة العثمانية منذ قيامها على يد مؤسسها عثمان بن أرطغرل عن الجهاد في سبيل الله وكانت تقاتل على عدة محاور في وقت واحد، حيث اشتبكت مع أوروبا في الغرب والصفويين والمماليك في الشرق، وهذا بالطبع كان له أثر كبير في انشغال العثمانيين عن الأندلس رغماً عنهم. الدولة الصفوية الشيعية : كانت الدولة الصفوية الشيعية في إيران بمثابة خنجر في ظهر الدولة العثمانية، فالعديد من المحاولات كادت أن تنجح لولا غدر الصفويين وطعنهم للعثمانيين من الخلف ومهاجمة عاصمتهم هكذا وقفت العديد من العوامل حائلا دون إنقاذ العثمانيين للأندلس، ولذلك فمن الظلم أن نتجاهل ذلك كله، وننسى هذه المحاولات كلها، ونتهم العثمانيين بأنهم فرطوا في نصرة الأندلس.
وفي الختام.
تقبلوا من اخوكم ابن رديف اجمل وارق الكلمات متوجة بالورد والياسمين ودمتم بحفظ الله ورعايته.
أين كان العثمانيون عندما سقطت دولة الإسلام في الأندلس؟! ولماذا لم ينتفضوا لحماية أعظم حضارة إسلامية قامت في أوروبا؟! هل خان العثمانيون إخوانهم الأندلسيين ؟! أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن سقوط الأندلس ودور الخلافة العثمانية تجاهها .
ونحن في هذا المقال نجيب عن هذه الأسئلة ونضع أمامكم الحقائق التي أُخفيت عن عمد لتظهر الدولة العثمانية كدولة خائنة باعت الأندلس وتركتها فريسة في يد النصارى الأندلس والدولة العثمانية، لكي تتضح لنا الأمور جيداً لابد لنا من أن نفهم طبيعة الدولتين وأحوالهما في تلك المرحلة، ففي الوقت الذي كانت دولة بني عثمان تشق طريقها لتعلن عن نفسها وترفع الراية بعدما كادت أن تسقط في أواخر الحكم العباسي مع بدايات القرن الخامس عشر الميلادي كانت دولة الأندلس في الغرب تسارع نحو الانهيار، حيث الصراع على الحكم بين ملوك الطوائف وانتشار الفتن واستعانة بعض ملوك المسلمين بالنصارى ضد إخوانهم، وبدأت ممالك الإسلام تسقط واحدة تلو الأخرى، وبالتالي كان المشهد في العالم الإسلامي على هذا النحو: دولة فتية تبدأ مجدها وتحارب على عدة محاور لإثبات نفسها وتخوض معارك طاحنة ضد أوروبا في الغرب والدولة الصفوية الشيعية في الشرق، ودولة أخرى يأفل نجمها في الأندلس ويتصارع ملوكها وتنهار ممالكها في يد النصارى واحدة تلو الأخرى .
هل بالفعل تخلت الدولة العثمانية عن الأندلس؟
لا زال كتاب ومثقفون أتراك يحاولون إنكار ذلك الاتهامات للدولة العثمانية بأنها تخلت عن الأندلس ولم تتحرك لنجدتها وقد انساق وراءهم جمع كبير من عامة المسلمين للأسف الشديد. والحقيقة أن هذا الكلام محض كذب وافتراء فالدولة العثمانية بذلت الكثير من المحاولات لنجدة الأندلس .
فما أن وصلت الاستغاثات للسلطان محمد الفاتح الذي كان منشغلا بفتح أعظم مدن أوروبا في ذلك الوقت '' القسطنطينية '' حتى هب الفاتح لنجدة الاندلسيين فهجم على إيطاليا وسيطر على مدينة لاترانتوا محاولا الوصول إلى الأندلس، ولكن وقفت أمامه عدة عقبات منعته من استكمال المسير، بايزيد الثاني: بعد الفاتح تولى ابنه بايزيد الحكم وأثناء حكم بايزيد وقعت الكارثة بسقوط الأندلس وتسليم أبوعبدالله الأحمر مفاتيح غرناطة للنصارى سنة ١٤٩٢م وقد توالت صرخات الأندلسيين واستغاثاتهم بالعثمانيين، وعلى الرغم من أن بايازيد الثاني كان مستهلكا في حروب طاحنة مع قوى مختلفة من الأوروبيين والصفويين الشيعة والمماليك إلا أنه لم يكن له أن يرد هذه الاستغاثات فأرسل أسطولا ضخماً بقيادة "كمال رئيس" لضرب سواحل إسبانيا ومحاولة دخول الأندلس. وقد حاول كمال رئيس الوصول إلى غرناطة إلا أن الموانع الأوروبية والخيانات التي حدثت من بعض القوى الإسلامية ورفض المماليك والأسرة الحفصية في تونس تقديم يد العون له كل ذلك وقف عائقا أمام وصول الأسطول العثماني إلى الأندلس وإنقاذها قبل فوات الأوان، سليم الأول : لم تتوقف محاولات العثمانيين لإنقاذ الاندلسيين بل استمرت حتى بعد سقوط الأندلس .
فقد سعى العثمانيون إلى إنقاذ إخوانهم المورسيكيين في الأندلس، فبعد أن تولى سليم الأول الحكم أرسل إلى قائد الأسطول الإسلامي عروج وكلفه بمهمة عرفت في التاريخ بالمهمة المستحيلة وكانت تقوم على مهاجمة سواحل إسبانيا والسيطرة عليها وإنقاذ مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش والعودة بهم إلى الجزائر، وقد استطاع عروج تنفيذ الخطة بنجاح وإنقاذ عشرات الآلاف من المورسيكيين، سليمان القانوني: عندما تولى سليمان العاشر أعظم سلاطين الدولة العثمانية الحكم انتفض هو أيضاً لمحاولة إنقاذ المورسيكيين فجهز جيش قوامه مئتا ألف، وحاول الوصول إلى الأندلس عن طريق فيينا، ولكنه لم يكمل المسير بسبب مهاجمة الصفويين الشيعة لعاصمة الخلافة العثمانية.
كما أرسل سليمان ثمانين سفينة وثمانية آلآف مقاتل من الانكشارية إلى قائد أسطوله "خير الدين بربروسا"، وأمره بمهاجمة الأندلس وإنقاذ المسلمين هناك وقد فتحت الدولة العثمانية أبوابها أمام الأندلسيين الفارين من بلادهم فاستقبل العثمانيون قرابة نصف مليون أندلسي من المسلمين وغيرهم.
هذه كانت إطلالة سريعة عن بعض محاولات العثمانيين لإنقاذ الأندلس، ويبقى السؤال الأخير: لماذا لم تكلل هذه المحاولات بالنجاح ؟! الحقيقة أن الأمر لم يكن بهذه السهولة التي يتخيلها البعض، فالأمر كان شديد التعقيد، وقد تعددت العوامل التي منعت العثمانيين من إنقاذ الأندلس ومن أهم هذه العوامل الطبيعة الجغرافية، حيث المسافة كبيرة جدا بين غرناطة والقسطنطينية، وهذا جعل وصول الجيش العثماني إلى الأندلس وعبوره كافة هذه الحواجز أمرا يشبه المستحيل، إضافة إلى التحالف الصليبي الأوروبي ضد العثمانيين وإغلاق الإسبان لمضيق جبل طارق. العوامل العسكرية والسياسية: لم تتوقف الدولة العثمانية منذ قيامها على يد مؤسسها عثمان بن أرطغرل عن الجهاد في سبيل الله وكانت تقاتل على عدة محاور في وقت واحد، حيث اشتبكت مع أوروبا في الغرب والصفويين والمماليك في الشرق، وهذا بالطبع كان له أثر كبير في انشغال العثمانيين عن الأندلس رغماً عنهم. الدولة الصفوية الشيعية : كانت الدولة الصفوية الشيعية في إيران بمثابة خنجر في ظهر الدولة العثمانية، فالعديد من المحاولات كادت أن تنجح لولا غدر الصفويين وطعنهم للعثمانيين من الخلف ومهاجمة عاصمتهم هكذا وقفت العديد من العوامل حائلا دون إنقاذ العثمانيين للأندلس، ولذلك فمن الظلم أن نتجاهل ذلك كله، وننسى هذه المحاولات كلها، ونتهم العثمانيين بأنهم فرطوا في نصرة الأندلس.
وفي الختام.
تقبلوا من اخوكم ابن رديف اجمل وارق الكلمات متوجة بالورد والياسمين ودمتم بحفظ الله ورعايته.